احتجاجات ساكنة آيت بوكماز تصل إلى عمالة أزيلال: مسيرة الأقدام تعري واقع التهميش وتدق أبواب المسؤولين

احتجاجات ساكنة آيت بوكماز تصل إلى عمالة أزيلال: مسيرة الأقدام تعري واقع التهميش وتدق أبواب المسؤولين

في مشهد يعكس عمق المعاناة التي يكابدها سكان المناطق الجبلية النائية، وصل صباح اليوم ممثلون عن ساكنة آيت بوكماز إلى مقر عمالة إقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية غير مسبوقة قطعت خلالها الساكنة كيلومترات طويلة مشياً على الأقدام. وقد استقبل عامل الإقليم الوفد الممثل للمحتجين بعد أن قضوا ليلة شاقة في العراء بمنطقة آيت امحمد، في خطوة تجسد حجم الإصرار والعزم على إيصال صوتهم إلى الجهات المعنية، مهما كلفهم ذلك من مشقة وتعب.

هذه المسيرة لم تكن مجرد احتجاج عابر، بل كانت صرخة جماعية من سكان جبلوا على الصبر، لكن نفد صبرهم في مواجهة واقع التهميش المتواصل. إنها ليست فقط مسيرة أقدام، بل مسيرة كرامة، انطلقت من عمق جبال آيت بوكماز، حاملة رسائل ملتهبة بآهات المعزولين والمنسيين، الذين لم يعودوا يقبلون بأن يكونوا خارج حسابات التنمية.

آيت بوكماز... حين تصرخ الجبال

تُعد منطقة آيت بوكماز، المعروفة بجمالها الطبيعي الخلاب والذي أكسبها لقب "سويسرا الصغيرة"، من بين المناطق السياحية الواعدة في الأطلس الكبير، لكنها على النقيض تماماً تعاني من واقع اجتماعي واقتصادي هش. غياب البنية التحتية الأساسية، من طرق معبدة، ومرافق صحية وتعليمية لائقة، جعل الساكنة في عزلة قاسية، يتكبدون المعاناة اليومية من أجل أبسط حقوق المواطنة.

ورغم ما تزخر به المنطقة من مؤهلات طبيعية وسياحية، فإن سكانها يشكون من تجاهل المسؤولين لمطالبهم العادلة، حيث يظل الاستثمار في الإنسان شبه غائب، والتنمية الحقيقية مؤجلة إلى إشعار غير مسمى.

ليلة في العراء... ورسائل في الهواء

الساكنة المحتجة قضت ليلتها في العراء بآيت امحمد، متحدية البرد، والإرهاق، وانعدام الوسائل الأساسية للراحة، في تجسيد رمزي لواقعهم اليومي، حيث العراء ليس استثناء، بل جزء من نمط عيشهم القاسي. ورغم الصعاب، واصلوا مسيرتهم في الصباح الباكر صوب عمالة الإقليم، في خطوة سلمية تعبر عن وعي جماعي ورغبة أكيدة في التغيير، بعيداً عن الشعارات الجوفاء أو المواجهات العقيمة.

اللقاء مع عامل الإقليم... أمل في الإنصات

استقبال عامل إقليم أزيلال لممثلي الساكنة، خطوة وُصفت بالإيجابية، حيث يأمل المحتجون أن لا يكون اللقاء شكلياً، بل بوابة فعلية نحو فتح قنوات التواصل المستمر، والاستجابة الملموسة لمطالب السكان. فالمأمول اليوم، ليس فقط الاستماع، بل التحرك العاجل لتدارك الوضع، وتفعيل مشاريع تنموية حقيقية تعيد للمنطقة اعتبارها وللساكنة كرامتهم.

صرخة آيت بوكماز... هل تصل إلى آذان من يقرر؟

ما وقع اليوم ليس حادثاً عابراً، بل إنذار اجتماعي وسياسي ينبغي التعامل معه بجدية. ساكنة آيت بوكماز قدمت درساً في الصبر والنضال السلمي، ووجهت رسالة قوية إلى كل المسؤولين، مفادها أن زمن التهميش بصمت قد ولى، وأن المواطن الجبلي أصبح أكثر وعياً بحقه في العيش الكريم.

فهل تلتقط الجهات المسؤولة الإشارة؟ وهل تتحول هذه الصرخة إلى بداية حوار تنموي جاد؟ أم أن دار لقمان ستبقى على حالها، إلى أن تتكرر المسيرات، وربما تتخذ أشكالاً أكثر حدة؟

الجواب، كما دائماً، في أيدي من يملكون القرار، لكن الزمن لم يعد في صالح التجاهل، والجبال بدأت تتكلم بلغة لم تعد تحتمل التأويل.


إرسال تعليق

أحدث أقدم