جهود الحكومة المغربية لمواجهة التضخم وضمان استقرار الأسعار: استراتيجية مالية واقتصادية متكاملة

جهود الحكومة المغربية لمواجهة التضخم وضمان استقرار الأسعار: استراتيجية مالية واقتصادية متكاملة

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والضغوط التضخمية التي تشهدها مختلف دول العالم، أكد رئيس الحكومة المغربية، السيد عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية بمجلس المستشارين، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، إلى جانب تدابير السياسة النقدية، قد مكنت من تقليص معدل التضخم وضمان استقرار أسعار المواد الأساسية، في خطوة تعكس التزام الدولة بحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

📌 محاور الدعم والاستثمار الحكومي

  1. غلاف مالي ضخم لضمان استقرار المواد الأساسية خصصت الحكومة المغربية ما مجموعه 88.2 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2024 لضمان استقرار أسعار عدد من المواد الأساسية التي تعتبر حيوية في الحياة اليومية للمغاربة. ويشمل هذا الغلاف:

    • 53.6 مليار درهم لدعم غاز البوتان الذي يعتبر مادة ضرورية في الاستهلاك المنزلي والزراعي.
    • 17.5 مليار درهم لدعم السكر، أحد أهم المواد التي تستهلك بشكل واسع في مختلف مناطق المملكة.
    • 16.8 مليار درهم لدعم الدقيق الوطني والقمح اللين، لضمان استقرار أسعار الخبز والمنتجات الأساسية للغذاء.
  2. دعم مباشر للمهنيين والقطاعات المتضررة لم تكتف الحكومة بالدعم الاستهلاكي فقط، بل وسّعت جهودها لتشمل الفئات المهنية والقطاعات المنتجة، إذ خصصت:

    • 8.6 مليار درهم كدعم استثنائي لقطاع النقل، لتخفيف آثار ارتفاع أسعار المحروقات.
    • 20 مليار درهم لمواجهة تداعيات الجفاف، في خطوة تعكس وعي الحكومة بخطورة التغيرات المناخية على الأمن الغذائي.
    • 8 مليار درهم لدعم أسعار الشعير والأعلاف المركبة، بهدف الحفاظ على استقرار أسعار اللحوم والحليب.
    • 4 مليار درهم لدعم المدخلات الفلاحية مثل الأسمدة والبذور، ما يعزز الإنتاج الفلاحي الوطني.

🔍 قراءة في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لهذه التدابير

تمثل هذه الإجراءات جزءًا من رؤية اقتصادية شاملة تقوم على مبدأ التدخل الموجّه والدعم الموجه للفئات الأكثر هشاشة والقطاعات الحيوية. وهي سياسة تستند إلى ثلاثة محاور:

  • التخفيف من آثار الأزمات العالمية على المواطن المغربي.
  • دعم الاقتصاد الوطني للحفاظ على مستويات الإنتاج والتشغيل.
  • تحقيق توازن بين متطلبات الاستقرار المالي والحفاظ على العدالة الاجتماعية.

كما أن هذا النوع من التدخلات الحكومية يعكس مرونة السياسة المالية المغربية، التي استطاعت الحفاظ على مستويات دعم كبيرة دون الإخلال بالتوازنات الكبرى، بفضل حسن تدبير المالية العمومية والتحكم في الأولويات.


🧭 التحديات المستقبلية والرهانات المنتظرة

رغم كل هذه الجهود، فإن المغرب لا يزال يواجه تحديات متعددة، من أبرزها:

  • ارتفاع أسعار السوق العالمية للمواد الغذائية والطاقة.
  • تأثر القطاع الفلاحي بتغير المناخ وقلة التساقطات.
  • الضغوط المرتبطة بتوسيع شبكات الدعم دون إرهاق الميزانية العامة.

ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى مواصلة الإصلاحات البنيوية وتوسيع برامج الدعم الاجتماعي المستدام، بالتوازي مع تحسين الحكامة، وتحفيز الاستثمار في الطاقات المتجددة والفلاحة المستدامة، وتقوية الاقتصاد التضامني والمحلي.

إن ما أعلنه رئيس الحكومة عزيز أخنوش اليوم لا يعكس فقط أرقامًا مالية، بل يُجسد رؤية استراتيجية لحماية المواطن والاقتصاد الوطني، وسط ظرفية دولية صعبة. ويبقى الرهان الأساسي هو الاستمرار في هذه الدينامية مع تعزيز الشفافية والتواصل، وضمان استفادة فعلية للفئات المستهدفة، بما يجعل من هذه السياسة نموذجًا للتوازن بين الواقعية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم