تراجع معدل الفقر المطلق في المغرب بين 2014 و2022: قراءة في الأرقام والدلالات



أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن معدل الفقر المطلق في المغرب شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقل من 4.8% سنة 2014 إلى 3.9% في 2022، بعد أن سجل أدنى مستوى له 1.7% سنة 2019. هذه الأرقام تعكس تحسنًا في الظروف المعيشية لفئات واسعة من المواطنين، إلا أنها تطرح في الوقت نفسه تساؤلات حول تأثير الأزمات الأخيرة، مثل جائحة كوفيد-19، على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

عوامل تراجع الفقر المطلق

يرجع هذا التراجع في معدل الفقر إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:

  1. البرامج الاجتماعية والمساعدات المباشرة: عززت الحكومة المغربية سياسات الدعم الاجتماعي، مثل برنامج "تيسير" لدعم تمدرس الأطفال، وبرنامج "راميد" للتغطية الصحية، إضافة إلى الدعم المباشر للأسر الفقيرة.
  2. تحسن المؤشرات الاقتصادية: شهد المغرب نموًا اقتصاديًا مستدامًا خلال العقد الأخير، مدعومًا بإصلاحات اقتصادية ومشاريع تنموية قللت من البطالة وزادت من الفرص الاقتصادية.
  3. توسيع الحماية الاجتماعية: عملت الدولة على إطلاق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وهو ما ساهم في تحسين ظروف العيش للفئات الهشة.

الانتكاسة المؤقتة في 2020 وتأثير الجائحة

سجل معدل الفقر المطلق 1.7% فقط في 2019، لكنه عاد للارتفاع في 2022، ليصل إلى 3.9%. هذا التذبذب يعكس تأثير جائحة كوفيد-19، التي تسببت في فقدان العديد من المواطنين لمصادر دخلهم، خاصة في القطاعات غير المهيكلة. كما أدت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية إلى ارتفاع الأسعار، مما أثر على القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود.

التحديات المستقبلية

رغم التحسن الملحوظ، لا يزال المغرب يواجه تحديات كبيرة تتعلق بمكافحة الفقر والهشاشة الاجتماعية، خاصة في ظل تزايد التفاوتات المجالية بين المناطق الحضرية والقروية. ومن أجل تحقيق تقدم مستدام، ينبغي تعزيز الاستثمارات في القطاعات المنتجة، كالفلاحة والصناعة، إلى جانب تطوير سياسات دعم اجتماعي أكثر نجاعة وفعالية.

خاتمة

يشير الانخفاض المستمر في معدل الفقر بالمغرب إلى نجاح نسبي في الجهود التنموية والسياسات الاجتماعية، إلا أن الانتكاسة التي شهدها بعد 2019 تؤكد ضرورة الاستمرار في تحسين البرامج الاجتماعية وتعزيز فرص العمل لضمان استقرار أكبر في مستويات العيش. ومع إطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، يبدو أن المغرب يسير في اتجاه تعزيز المكاسب الاجتماعية والحد من الفقر على المدى البعيد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم