وداعاً أسطورة الكرة المغربية: أحمد فرس يُوارى الثرى في جنازة مهيبة
في لحظةٍ طغت فيها الدموع على التصفيق، والحداد على الذكريات، شُيّع جثمان أسطورة الكرة الوطنية أحمد فرس إلى مثواه الأخير، وسط أجواء حزينة ومؤثرة حضرها عدد كبير من محبي كرة القدم، ووجوه رياضية بارزة، ومسؤولين رسميين، وجماهير لا تزال تحتفظ باسمه محفوراً في ذاكرتها كأحد أعظم من لمسوا المستديرة في تاريخ المغرب.
أحمد فرس.. رجل صنع مجد الكرة المغربية
أحمد فرس لم يكن مجرد لاعب كرة قدم؛ بل كان رمزاً لجيل ذهبي آمن بأن المستحيل ليس مغربياً. هو أول لاعب مغربي يتوج بالكرة الذهبية الإفريقية سنة 1975، وأحد أبرز من قاد المنتخب الوطني إلى أولى ألقابه القارية في كأس إفريقيا للأمم 1976، حيث ساهم بشكل كبير في تتويج الأسود باللقب القاري الوحيد حتى اليوم.
ولد بمدينة المحمدية، وعُرف بإخلاصه الكبير لفريقه الوحيد شباب المحمدية، الذي لعب له طيلة مسيرته، رافضاً كل العروض الأوروبية احتراماً لقميص الفريق ولمبادئه. وبأدائه الراقي وأخلاقه الرفيعة، ألهم أجيالاً من اللاعبين الشباب، وجعل من كرة القدم مدرسةً في الوفاء قبل أن تكون مجرد رياضة.
جنازة وطنية.. ووفاء شعبي
الآلاف من المواطنين توافدوا من مختلف المدن لتوديع من أطلق عليه لقب "الأسطورة الصامتة"، في مشهد يعكس حجم الحب الذي يكنه المغاربة لأيقونتهم الرياضية. وقد جابت الجنازة شوارع مدينة المحمدية، حيث وُلد وعاش، قبل أن يُوارى جثمانه في مقبرة الشهداء، في لحظة خشوع واعتراف بالجميل.
وعرفت مراسيم التشييع حضور وزراء، وفاعلين رياضيين، وزملاء سابقين في الملاعب، إلى جانب عائلته الصغيرة التي شكرت الشعب المغربي على دعمه ومواساته. كما نُكّست الأعلام في عدد من المؤسسات الرياضية، وأعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم عن حداد رسمي لثلاثة أيام تكريماً لروحه.
صوت الماضي والحاضر والمستقبل
رحيل أحمد فرس فتح مجدداً النقاش حول أهمية حفظ الذاكرة الرياضية، وتكريم النجوم وهم على قيد الحياة. وطالب عدد من المحللين والفاعلين الرياضيين بإطلاق اسمه على أحد الملاعب الكبرى أو المراكز التكوينية، تخليداً لإرثه وتاريخه.
فرس لم يكن فقط لاعباً بارعاً؛ بل كان أحد سفراء الرياضة المغربية في أبهى صورها. فبأخلاقه، وتواضعه، ومساهمته في تكوين الناشئين، ظل مرجعاً أخلاقياً ورياضيًا لكل الأجيال.
برحيل أحمد فرس، تفقد الكرة المغربية أحد أبرز وجوهها التاريخية، ولكنها تكسب في المقابل إرثاً سيبقى خالداً في ذاكرة وطنٍ بأكمله. وسيردد الجمهور المغربي دائماً:
"قد يرحل الجسد، لكن الأساطير لا تموت."
رحم الله أحمد فرس وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.