المغرب يحتضن أول مكتب إفريقي للابتكار السياحي التابع للأمم المتحدة: خطوة استراتيجية نحو مستقبل السياحة المستدامة
في لحظة تاريخية تعكس الثقة الدولية المتزايدة في ريادة المملكة المغربية في مجال السياحة، تم التوقيع يوم الخميس بالعاصمة الإسبانية مدريد، على هامش الدورة الـ123 للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، على اتفاق مالي لتأسيس أول مكتب للأمم المتحدة للسياحة يُعنى بالابتكار في إفريقيا، وذلك في مدينة الرباط، عاصمة المغرب.
وجرى توقيع الاتفاق من قبل السيدة فاطم الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وزوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، بحضور السفيرة المغربية لدى إسبانيا، السيدة كريمة بنيعيش.
اختيار الرباط: رؤية استراتيجية واعتراف دولي
يُعدّ اختيار الرباط مقراً لهذا المكتب تأكيداً على المكانة المتقدمة التي تحتلها المملكة في خارطة السياحة الدولية، وعلى ثقة الأمم المتحدة في قدرة المغرب على احتضان مشاريع كبرى ذات طابع ابتكاري وتنموي. فالرباط، التي تجمع بين العمق التاريخي والتحديث الحضري، باتت نموذجاً للمدن الإفريقية الطامحة للعب أدوار ريادية في المجالات الاقتصادية والثقافية والبيئية.
الابتكار السياحي: محرك جديد للتنمية في إفريقيا
الابتكار لم يعد ترفاً فكرياً أو مفهوماً نخبوياً، بل أصبح ضرورة اقتصادية في عالم تتغير فيه أنماط السفر والسلوك السياحي بشكل متسارع. ومن خلال هذا المكتب، تسعى منظمة السياحة العالمية إلى خلق فضاء إفريقي للإبداع وتبادل التجارب بين الفاعلين السياحيين، وتشجيع الحلول التكنولوجية والمستدامة، وتكوين جيل جديد من الرواد السياحيين في القارة.
المغرب... همزة وصل بين الشمال والجنوب
يمثل هذا الإنجاز تتويجاً لسياسة المغرب الرامية إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وجعل المملكة جسراً حيوياً بين إفريقيا والعالم. فقد أثبت المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، انخراطه الجاد في دعم قضايا القارة الإفريقية، ليس فقط عبر مشاريع البنية التحتية أو الاستثمارات، بل أيضاً عبر الدعم المؤسساتي والمعرفي.
آفاق وتطلعات
من المنتظر أن يضطلع مكتب الرباط بدور محوري في تطوير مشاريع مبتكرة ترتكز على التحول الرقمي، السياحة الذكية، ريادة الأعمال النسائية والشبابية، والاستدامة البيئية، إضافة إلى كونه منصة لتكوين الكفاءات ومواكبة المبادرات المحلية الناشئة في مجال السياحة.
وفي خضم التحديات التي تواجه السياحة العالمية بعد جائحة كوفيد-19، تأتي هذه الخطوة لتؤكد أن إفريقيا ليست فقط متلقية للحلول، بل فاعلاً أساسياً ومصدراً للأفكار المبدعة التي بإمكانها إعادة صياغة المشهد السياحي العالمي.
بتوقيع هذا الاتفاق، يفتح المغرب صفحة جديدة في سجل الشراكة الدولية ويعزز مكانته كمركز إقليمي ودولي للابتكار السياحي. وستكون الرباط، بقيمها الحضارية وموقعها الاستراتيجي، شاهداً على ولادة مرحلة جديدة من التفاعل الخلاق بين إفريقيا والعالم.