تحسن العلاقات الجزائرية-الإسبانية: خطوة جديدة نحو التطبيع
شهدت قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا لقاءً غير مسبوق بين وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، ونظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس. هذه الخطوة تأتي في سياق الجهود المبذولة لاستكمال مسار تطبيع العلاقات بين البلدين بعد الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت عام 2022.
خلفية الأزمة بين الجزائر وإسبانيا
تعود جذور الأزمة إلى قرار إسبانيا تغيير موقفها بشأن قضية الصحراء الغربية، حيث دعمت مدريد مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه المغرب، وهو ما اعتبرته الجزائر انحيازًا غير مبرر لموقف الرباط، مما أدى إلى تعليق الجزائر لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا في يونيو 2022. كما قامت الجزائر بتجميد المبادلات التجارية مع إسبانيا، باستثناء إمدادات الغاز، مما أثر بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
لقاء جوهانسبرغ: خطوة نحو التهدئة
يُنظر إلى اللقاء بين عطاف وألباريس على أنه مؤشر على رغبة الطرفين في إعادة الدفء للعلاقات الثنائية. فمنذ بداية الأزمة، حاولت إسبانيا مرارًا وتكرارًا استعادة ثقة الجزائر، خاصة أن الأخيرة تُعدّ موردًا رئيسيًا للغاز الطبيعي إلى مدريد. وعلى الرغم من تأكيد الجزائر التزامها بعقود الغاز، إلا أن التوتر السياسي ألقى بظلاله على التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
دلالات اللقاء وآفاق العلاقات
يشير هذا اللقاء إلى أن الجزائر وإسبانيا ربما وجدتا أرضية مشتركة تسمح لهما بتجاوز الخلافات السابقة. فقد تكون هناك وساطة دبلوماسية، سواء من أطراف أوروبية أو من داخل مجموعة العشرين، دفعت نحو هذه الخطوة الإيجابية. كما أن التحولات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بأمن الطاقة والعلاقات الأوروبية-المغاربية، قد عززت من الحاجة إلى تقارب بين الجزائر ومدريد.
ومع ذلك، فإن مسار التطبيع لا يزال يتطلب خطوات ملموسة من الطرفين، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. فإسبانيا قد تحتاج إلى تقديم ضمانات أكثر وضوحًا بشأن احترام المصالح الجزائرية، في حين يمكن للجزائر أن تبادر بتخفيف القيود التجارية كإشارة على حسن النية.
خاتمة
لقاء وزيري الخارجية الجزائري والإسباني في جوهانسبرغ يُمثل بادرة إيجابية في اتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين، لكنه يبقى خطوة أولى ضمن مسار طويل يتطلب المزيد من الحوار والتفاهم المتبادل. الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان هذا التقارب سيتحول إلى انفراج حقيقي يعيد العلاقات الجزائرية-الإسبانية إلى مسارها الطبيعي.
Tags
المجتمع