المغرب يعزز شراكاته الدفاعية مع المملكة المتحدة: ضربة استراتيجية تعمّق عزلة خصوم الوحدة الترابية

المغرب يعزز شراكاته الدفاعية مع المملكة المتحدة: ضربة استراتيجية تعمّق عزلة خصوم الوحدة الترابية

في خطوة استراتيجية تنمّ عن تصاعد الدور الإقليمي والدولي للمملكة المغربية، تستعد الرباط لتوقيع اتفاقيات دفاعية محورية مع المملكة المتحدة، شريكها التاريخي، في سياق يشهد تحولات متسارعة في موازين القوى بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. هذه الاتفاقيات المرتقبة لا تمثل مجرد تعاون تقني أو عسكري عابر، بل تعكس تموضعاً جديداً للمغرب كلاعب فاعل في الساحة الدولية، يمتلك رؤية واضحة في إدارة ملفاته الجيوسياسية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

المغرب يعيد رسم معالم القوة في المنطقة

منذ سنوات، تبنّى المغرب استراتيجية متعددة الأبعاد تقوم على تنويع شركائه الدوليين، وتعزيز مكانته كقوة إقليمية مستقرة، ذات مصداقية ومبادرات ملموسة في محيطه الإفريقي والمتوسطي. واليوم، تأتي الاتفاقيات الدفاعية مع المملكة المتحدة لتكرّس هذا التوجّه، وتُترجم الثقة الدولية في المؤسسة العسكرية المغربية، التي باتت أحد أعمدة الأمن الإقليمي، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بالإرهاب، والهجرة غير النظامية، وشبكات الجريمة العابرة للحدود.

التحالف مع بريطانيا: أبعاد استراتيجية تتجاوز الدفاع

العلاقات المغربية البريطانية تشهد تطوراً غير مسبوق منذ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي. فالمملكة المتحدة، الباحثة عن شركاء موثوقين خارج المنظومة الأوروبية، تجد في المغرب حليفاً استراتيجياً يمتلك موقعاً جغرافياً استثنائياً، واستقراراً سياسياً نادراً في المنطقة، فضلاً عن اقتصاد منفتح ونموذج أمني فعال. وبالتالي، فإن هذه الاتفاقيات الدفاعية ليست معزولة عن المسار العام للتقارب المتنامي بين البلدين، والذي يشمل أيضاً الجوانب الاقتصادية، التجارية، والتكنولوجية.

الصحراء المغربية: انتصار الدبلوماسية الهادئة

في خضم هذه الدينامية، تواصل الدبلوماسية المغربية تحقيق اختراقات نوعية في ملف الصحراء المغربية، من خلال توالي الاعترافات الدولية بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وتزايد الدعم لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدّمه الرباط كحل عادل وواقعي وذي مصداقية للنزاع المفتعل. هذه المكتسبات، التي تؤكد مرجعية الأمم المتحدة وتنسجم مع مواقف عدد متزايد من الدول المؤثرة، تجعل من المبادرات المغربية قاعدة صلبة لأي حل مستقبلي.

الاتفاقيات المرتقبة مع بريطانيا، في هذا السياق، تشكل رسالة واضحة إلى خصوم الوحدة الترابية، وعلى رأسهم النظام الجزائري وصنيعته الانفصالية "البوليساريو"، مفادها أن المغرب ليس فقط صامداً في مواقفه، بل يزداد قوة ودعماً دولياً مع مرور الوقت. وهذا ما يعمّق من عزلة الأطروحة الانفصالية، التي تتآكل يوماً بعد يوم في ظل غياب رؤية واقعية لديها، واستمرارها في رهانات خاسرة.

دبلوماسية هجومية... وواقعية استراتيجية

السياسة الخارجية المغربية اليوم تبرهن على نضج كبير، يجمع بين الواقعية البراغماتية والجرأة المبادِرة. من خلال الحضور القوي في المنتديات الدولية، وتوسيع شبكة التحالفات مع قوى عالمية كبرى، بات المغرب يُنظر إليه كفاعل استباقي، يملك أوراقاً متعددة ويعرف كيف يوظفها بتوازن وحنكة.

وفي ظل التحولات الجيوسياسية العالمية، تشكّل الاتفاقيات الدفاعية مع بريطانيا امتداداً طبيعياً لهذا التوجّه، ومؤشراً على أن المملكة المغربية ماضية في تعزيز موقعها كقوة مستقلة، تضع مصالحها الاستراتيجية فوق كل اعتبار، وتُدير ملفاتها الحساسة، وعلى رأسها ملف الصحراء، من موقع قوة وشراكة متقدمة مع العواصم الكبرى.

المغرب لا يكتفي بالدفاع عن مصالحه، بل يبني مستقبله بتحالفات قوية، ورؤية متكاملة للأمن والتنمية. ومع توجّه أنظار القوى الكبرى نحوه كشريك موثوق، تتكرّس مكانته كمحور للاستقرار والنمو في المنطقة. أما خصومه، فباتوا أمام حقيقة لا يمكن إنكارها: مشروعهم الانفصالي يتداعى أمام صلابة الموقف المغربي، وتنامي الدعم الدولي لمقاربته الواقعية.

الاتفاقيات الدفاعية المرتقبة مع بريطانيا، ليست فقط ورقة جديدة في يد الرباط، بل هي عنوان لمرحلة جديدة عنوانها: المغرب قوة إقليمية بثقة دولية.


إرسال تعليق

أحدث أقدم