السلسلة الغذائية الاجتماعية: عندما يصبح الظلم قاعدة
في مشهد متكرر في شوارعنا، تتجلى مظاهر السلطة والهيمنة في علاقات غير متوازنة بين الأفراد، حيث يأخذ كل طرف دورًا في فرض سيطرته على من هو أدنى منه في سلم النفوذ. هذه الديناميكية تعكس ما يمكن تسميته بـ"السلسلة الغذائية الاجتماعية"، حيث يصبح القوي ظالمًا، والمظلوم بدوره يبحث عن من يظلمه ليعيد التوازن المختل في نظره.
التسلسل الهرمي للظلم
في البداية، هناك "مول الكروسة"، الشخص البسيط الذي يكافح من أجل لقمة العيش، لكنه غالبًا ما يكون ضحية السلطات التي ترى في وجوده فوضى يجب ضبطها. القايد، باعتباره ممثل السلطة، يملك صلاحيات واسعة، لكنه في المقابل قد يكون مجرد ترس في آلة أكبر، يحاول إثبات نفوذه عبر ممارسة القمع على الأضعف منه.
ثم تأتي "بنت الفشوش"، نموذج الامتياز الاجتماعي الذي يضعها فوق أي مساءلة، فهي تملك النفوذ العائلي والمالي الذي يجعلها قادرة على تجاوز القوانين، بل وحتى إذلال ممثلي السلطة الذين يُفترض أن يكونوا اليد العليا في النظام. هنا يحدث انقلاب في المعادلة، حيث يصبح من يُفترض أن يكون صاحب السلطة ضحية، لكنه لا يفكر في تغيير المنظومة، بل يعود بدوره لممارسة الظلم على من هم أدنى منه.
إعادة إنتاج الظلم
هذا التسلسل لا يعكس فقط واقعًا فرديًا، بل هو جزء من نمط أوسع يعيد إنتاج الظلم عبر الأجيال والطبقات الاجتماعية. فبدلًا من كسر الحلقة، يختار الأفراد البقاء داخلها، إما خوفًا أو انتهازية، ليصبح كل شخص أداة في perpetuating (إدامة) النظام نفسه الذي يشتكي منه.
كيف نكسر الحلقة؟
الحل لا يكون فقط في محاسبة الأفراد، بل في إعادة هيكلة النظام الاجتماعي والاقتصادي ليصبح أكثر عدالة. عندما تكون هناك قوانين تحمي الأضعف وتحدّ من الامتيازات غير المستحقة، لن يكون هناك مجال للقايد لصفع مول الكروسة، ولا لبنت الفشوش لصفع القايد. بل سيكون الجميع أمام عدالة حقيقية لا تحتاج إلى "سلسلة غذائية" قائمة على الظلم.
في النهاية، السؤال ليس "من يصفع من؟"، بل "كيف نوقف هذه الصفعات من الأصل؟".