مهرجان فاس للموسيقى الروحية في دورته الثامنة والعشرين: "نهضات" تجمع المغرب وإيطاليا في احتفال بالروح والفن
تنطلق اليوم، 16 ماي، فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى الروحية العالمية، والذي سيمتد إلى غاية 24 ماي، تحت شعار معبّر ومحمّل بالدلالات: "نهضات". واختارت مؤسسة "روح فاس"، الجهة المنظمة للمهرجان، أن تكون إيطاليا ضيف شرف هذه الدورة، في احتفاء مزدوج بالثقافة والتاريخ والروح الإنسانية.
"نهضات" بروح مغربية ونَفَس إيطالي
اختيار موضوع "نهضات" ليس عشوائيًا، بل يأتي ليعكس التقاء حضاريًا عميقًا بين المغرب وإيطاليا. فكما شهدت أوروبا تحوّلاً فكريًا وثقافيًا شاملاً في عصر النهضة الإيطالية "Rinascimento"، فإن المغرب، ومن خلال مدينة فاس العريقة، ظل دائمًا فضاءً للنهضة الثقافية والروحية المتواصلة.
وقد جاء في بلاغ مؤسسة "روح فاس" أن هذه الدورة تجسد "روح المغرب، بلد التجدد الثقافي والروحي والفني"، حيث يلتقي الشرق والغرب، القديم والحديث، والتقاليد والابتكار في فضاء واحد: فضاء الموسيقى الروحية.
فاس وفلورنسا: توأمة الثقافة والروح
لم يكن اختيار إيطاليا صدفة، بل هو تتويج لمسار طويل من العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين المغرب وإيطاليا. ويستحضر المهرجان هذه السنة توأمة مدينتي فاس وفلورنسا التي تعود إلى سنة 1961، كرمز لتقاطع الرؤى حول أهمية الثقافة في بناء الحضارات وتعزيز الحوار بين الشعوب.
إن هذه المبادرة تندرج في إطار ما يمكن تسميته بـ"الدبلوماسية الثقافية"، حيث تشكّل الفنون والموسيقى جسرًا فعّالاً للتقارب بين الأمم. فكما كانت فلورنسا مهد النهضة الأوروبية، كانت فاس مهد الفكر الإسلامي المستنير والعلوم والفنون، مما يجعل اللقاء بين المدينتين لقاء ذا أبعاد رمزية وتاريخية وإنسانية.
الموسيقى الروحية: لغة تتجاوز الحدود
يواصل مهرجان فاس ترسيخ مكانته كمنصة عالمية للحوار الروحي والثقافي. فمن خلال الموسيقى، هذا الفن الكوني، تنفتح النوافذ على عوالم روحية وثقافية متعددة، تجمع الحضور في تجربة إنسانية راقية تتجاوز اللغات والأديان والهويات.
وسيشارك في هذه الدورة نخبة من الفنانين من مختلف بقاع العالم، في عروض تمزج بين التقاليد الموسيقية العريقة والابتكارات الفنية المعاصرة، مما يعكس الطابع العالمي والانفتاحي للمهرجان.
في الختام
إن مهرجان فاس للموسيقى الروحية لا يقدم فقط عروضًا موسيقية، بل يصوغ مشروعًا ثقافيًا وروحيًا يجعل من فاس منبرًا للتسامح والحوار والتلاقح الحضاري. ومع اختيار إيطاليا كضيف شرف، فإن دورة هذه السنة تحمل رسالة قوية عن قوة الفن في إعادة صياغة الروابط بين الشعوب، وعن قدرة الموسيقى على إحياء القيم المشتركة التي توحد البشرية في زمن التشتت.
#فاس #موسيقى_روحية #إيطاليا #المغرب #النهضة #ثقافة #السلام #الدبلوماسية_الثقافية