انهيار الحي الحسني بفاس: فاجعة تُسائل واقع السكن الآيل للسقوط ومعاناة الهامش

انهيار الحي الحسني بفاس: فاجعة تُسائل واقع السكن الآيل للسقوط ومعاناة الهامش


في كارثة إنسانية هزّت مدينة فاس، انهار منزل مكون من عدة طوابق في الحي الحسني بمنطقة بن دباب، مخلفاً تسع وفيات وسبع إصابات متفاوتة الخطورة، من بينها أربعة أطفال. الحدث الذي وقع في الساعات الأولى من صباح الجمعة 9 ماي 2025، حوّل الحي إلى مشهد من الفوضى والدموع والصراخ، في وقت تتواصل فيه جهود الإنقاذ وسط الركام.

فاجعة تُجدد جراح الأحياء الشعبية
الحي الحسني، كغيره من الأحياء القديمة في فاس، يعاني من هشاشة عمرانية مزمنة، حيث تنتشر مبانٍ شُيّدت منذ عقود دون مراقبة هندسية كافية. هذه الفاجعة ليست الأولى من نوعها، لكنها تسلط الضوء مجدداً على واقع مرير تعيشه آلاف الأسر التي تسكن في بيوت مهددة بالسقوط في أي لحظة. هشاشة البناء وتقادم البنية التحتية لا يقابلها تدخل فعّال من الجهات المسؤولة، ما يجعل الأرواح دائماً في خطر.

ضحايا في صمت.. وسباق ضد الزمن
فرق الإنقاذ التي هرعت إلى عين المكان واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى الضحايا، خاصة مع انهيار كلي لعدة أجزاء من المبنى، وتعقيد عملية إزالة الركام. المشهد كان مؤثراً؛ سكان الحي وقفوا مذهولين، بعضهم يبحث عن أفراد عائلته تحت الأنقاض، وآخرون يرفعون أكف الدعاء. المصابون تم نقلهم إلى المستشفى، بعضهم في حالة حرجة، مما ينبئ باحتمال ارتفاع الحصيلة خلال الساعات المقبلة.

الأطفال.. الحلقة الأضعف في المأساة
بين الجرحى، أربعة أطفال أصيبوا بجروح بليغة، ما يسلط الضوء على هشاشة الوضع الاجتماعي والمعيشي لهذه الفئة داخل بيئات غير آمنة. الأطفال كانوا نائمين لحظة الانهيار، دون أن يدركوا أن سقف بيتهم سيتحول إلى فخ قاتل. حكاياتهم تعكس واقعاً قاسياً يعيشه الكثير من الأطفال في المغرب، ممن تحاصرهم الفاقة وتطاردهم المخاطر حتى داخل جدران منازلهم.

متى تتحرك الجهات المسؤولة؟
رغم تكرار مثل هذه الحوادث في مناطق مختلفة من البلاد، لا تزال سياسة التدخل بعد وقوع الكارثة هي السائدة. الأسئلة تتكرر: من يتحمل المسؤولية؟ أين هي خرائط البنايات المهددة بالسقوط؟ ومتى سيتم تفعيل برامج إعادة الإسكان والتهيئة الحضرية بدل الاكتفاء بالتحقيقات العابرة والتعويضات الرمزية؟ فحياة الناس ليست رقماً في سجل وفيات، بل مسؤولية جماعية ومؤشر على نجاعة السياسات العمومية.

أمل وسط الحطام
رغم قساوة المشهد، أظهرت لحظات التضامن التي عبّر عنها سكان الحي بصيص أمل في إنسانية راسخة. الجميع نزل إلى الشارع، ساعدوا، دعموا، تبرعوا بالدم، ووقفوا كتفاً إلى كتف في انتظار أن تُنقذ الأرواح أو يُوارى الثرى من غادروا بصمت.

إن ما حدث ليس مجرد حادث عرضي، بل إنذار مؤلم يدعو لمراجعة شاملة في تدبير السكن الآمن والحماية الاجتماعية. لأن الكارثة القادمة قد تكون في حيّ آخر، وبأسماء جديدة، لكن الأسباب ذاتها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم