الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: عنوان للثقة والانفتاح المجتمعي
في مبادرة نوعية تتجدد سنويًا، تعبئت المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب بحوالي 1300 عنصراً أمنياً من مختلف الرتب، لتأمين وإنجاح فعاليات الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، التي نُظمت هذه السنة داخل 50 رواقاً موضوعاتياً وفضاءات مهنية غنية بالمحتوى والمضامين، وذلك على مدى خمسة أيام متواصلة.
تأتي هذه التظاهرة، التي أضحت تقليدًا سنويًا متجذرًا، ضمن رؤية استراتيجية تتجاوز حدود التوعية الأمنية لتصل إلى تعزيز الثقة بين جهاز الأمن والمواطنين، وترسيخ مفهوم "شرطة القرب" كخيار حقيقي يواكب متطلبات المجتمع المغربي، وينسجم مع الانتظارات الحقيقية للمواطن في ظل التحديات الأمنية المتنامية.
شرطة القرب: من المفهوم إلى التطبيق
الرهان اليوم لم يعد فقط على تأمين المدن والأحياء، بل على جعل المواطن شريكًا أساسيًا في المعادلة الأمنية. ومن هنا، تندرج سياسة شرطة القرب كأحد المحاور المركزية التي تسعى المديرية العامة للأمن الوطني إلى ترسيخها، من خلال هذا الفضاء المفتوح الذي يكسر الجدران الفاصلة بين الجهاز الأمني والمجتمع.
وقد أظهرت التظاهرة كيف بات رجل الأمن، ليس فقط ذلك العنصر المكلف بالتدخل، بل أيضًا فاعلاً اجتماعياً، مرشداً توعوياً، وشريكاً في التنمية البشرية. عبر الأروقة المختلفة، اطلع الزوار على آليات العمل الأمنية، والتقنيات المستعملة، إضافة إلى وحدات متخصصة كالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فرق محاربة الإرهاب، المختبرات العلمية، وكذا أقسام التكوين والتدريب.
انفتاح أمني بمقاربة مجتمعية
تنظيم هذه التظاهرة بشكل دوري في مدن وجهات مختلفة يكرس البعد الجهوي للعمل الأمني، ويؤكد على عدالة التوزيع الترابي للمبادرات التواصلية، وهو ما يساهم في تقوية جسور الثقة، ويجعل من الأمن مسؤولية جماعية، لا حكراً على الجهاز الأمني وحده.
الزائر لا يخرج من الأبواب المفتوحة فقط بمعلومات تقنية أو صور تذكارية، بل بتجربة وعي جديدة، يكتشف من خلالها حجم التضحيات اليومية التي يقدمها رجال ونساء الأمن، ويدرك كيف أن حماية الوطن تبدأ من علاقة مواطن بأقرب شرطي في الحي.
نحو أمن مواطناتي ومستدام
إن اختيار المديرية العامة للأمن الوطني لنهج الأبواب المفتوحة ليس مجرد عرض إنجازات، بل هو تعبير عن قناعة راسخة بأن الأمن الناجع هو ذاك الذي ينبني على الفهم المشترك، والتواصل الدائم، والانصات لنبض الشارع.
ومن خلال هذه المبادرة، تتأكد مرة أخرى الإرادة الملكية السامية لتحديث المؤسسة الأمنية، وتطوير آليات اشتغالها، وتعزيز بعدها المواطناتي، انسجامًا مع النموذج التنموي الجديد الذي يضع المواطن في قلب السياسات العمومية.
في الختام، تمثل الأبواب المفتوحة عنوانًا قويًا لمغرب الأمان والانفتاح، ورسالة واضحة مفادها أن الأمن ليس فقط مهنة، بل رسالة إنسانية نبيلة، تستمد مشروعيتها من خدمة الوطن والمواطن.