إصلاح التعليم في المغرب: من الالتزامات إلى الواقع الملموس
في تصريح حديث، أكد رئيس الحكومة المغربية، السيد عزيز أخنوش، أن حكومته نجحت، من منطلق الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها، في تسوية عدد من الملفات العالقة داخل قطاع التعليم، وعلى رأسها تحسين الوضعية المادية والاعتبارية لنساء ورجال التعليم. تصريح يحمل في طياته دلالات عميقة على تحول نوعي تشهده المدرسة العمومية المغربية في ظل رؤية إصلاحية شاملة.
من الالتزام إلى الإنجاز
لطالما كان قطاع التعليم في المغرب محور نقاش وطني مستمر، نظراً لحساسيته ودوره المركزي في تحقيق التنمية البشرية. ومنذ تولي الحكومة الحالية مهامها، رفعت شعار تجويد المدرسة العمومية وتحسين وضعية الأطر التربوية. وقد تجسد ذلك في عدد من الإجراءات الملموسة، أبرزها مراجعة نظام التوظيف، وتعديل نظام الترقي، وتسوية ملفات طال انتظارها مثل الأساتذة أطر الأكاديميات، ضحايا النظامين، والمستفيدين من الترقية بالشهادات.
هذه الإصلاحات لم تكن مجرد وعود انتخابية، بل تحولت إلى قرارات فعلية، عكست إرادة سياسية واضحة في إرساء عدالة مهنية داخل المنظومة التعليمية، ورد الاعتبار لنساء ورجال التعليم، الذين كانوا ولسنوات طويلة العمود الفقري لقطاع يعاني من اختلالات هيكلية.
تحسين الوضعية المادية والاعتبارية: نقلة نوعية
لا يمكن الحديث عن إصلاح حقيقي للتعليم دون تحسين الوضعية المادية والاجتماعية للفاعلين الرئيسيين فيه، أي المعلمين والمعلمات. وفي هذا السياق، عملت الحكومة على زيادة الأجور، وإعادة هيكلة نظام الترقية، وتوفير تغطية صحية ملائمة، إلى جانب إقرار نظام أساسي موحد يعيد التوازن بين مختلف الفئات التعليمية.
أما على المستوى الاعتباري، فقد تمت إعادة النظر في الخطاب الرسمي تجاه نساء ورجال التعليم، من خلال الإشادة بدورهم المحوري، وإشراكهم في القرارات الكبرى التي تهم مستقبل القطاع، وتوفير ظروف عمل تليق بمكانتهم كمربين ومهندسي المستقبل.
تحديات مستمرة وطموحات مستقبلية
رغم ما تحقق، فإن طريق الإصلاح لا يزال طويلاً ومعقدًا. فهناك تحديات بنيوية تتعلق بجودة التعلمات، والخصاص في الموارد، واختلالات التوزيع الجغرافي، وضعف البنية التحتية، وهي رهانات تتطلب نفسًا إصلاحيًا طويلًا وتعبئة جماعية.
لكن ما يبعث على التفاؤل هو أن الحكومة قد وضعت لبنات الثقة من جديد بين الدولة ونساء ورجال التعليم، وهي ثقة تعتبر الشرط الأساسي لنجاح أي مشروع تربوي طموح.
خاتمة
ما تحقق حتى الآن لا يمثل سوى خطوة أولى في مسار طويل لإصلاح المدرسة العمومية المغربية. غير أن الرسائل التي حملها تصريح رئيس الحكومة تبعث على الأمل، وتؤكد أن التعليم بات في صلب الأولويات الوطنية، وأن نساء ورجال التعليم يحظون أخيرًا بما يستحقونه من تقدير واهتمام. فالاستثمار في الإنسان يبدأ من الفصل الدراسي، ومن يعطِ المعلم حقه، يضمن للوطن مستقبله.